دخول شهر رمضان
فريضة الصيام عبادة شرعها الله تعالى في وقت محدد من العام ، لا يجوز أداؤها في غيره ، الأمر الذي يحتم على المسلم معرفة الأحكام المتعلقة بدخول شهر الصوم و خروجه ، حتى يؤدي هذه العبادة على الوجه المطلوب .
و دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين :
الأول : رؤية هلال رمضان ، و دليل ذلك قوله تعالى في آية الصيام : {{ فمن شهد منكم الشهر فليصمه }} (البقرة:185) ، و قوله صلّ الله عليه و سلم : > متفق عليه .
فإذا رأى مسلم ، عاقل ، بالغ ، عدل ، موثوق بخبره و أمانته ، هلال رمضان فقد ثبت دخول الشهر ، و تعيَّن على الناس الشروع في صيامه .
الثاني : و يثبت دخول شهر رمضان أيضًا ، بتمام شعبان ثلاثين يوماً ، لأن غاية الشهر القمري أن يكون ثلاثين يوماً ، و لا يكون أكثر من ذلك ، و قد روى البخاري و مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلّ الله عليه و سلم : > يعني تسعة و عشرين يومًا ، أي أنه إما أن يكون ثلاثين أو تسعة و عشرين .
فإذا كمل شهر شعبان ثلاثين يومًا ، فمعنى ذلك أن شهر رمضان قد بدأ بلا خلاف ، و أيضًا فقد قال النبي صلّ الله عليه و سلم : > متفق عليه .
فإذا تحرى الناس الهلال و لم يروه ، فعليهم إتمام شعبان ثلاثين يوماً ، و لا يجوز - على الصحيح - صيام يوم الثلاثين على أنه من رمضان ، لعدم ثبوت دخول الشهر .
و هذا اليوم - يوم الثلاثين - يعرف بيوم الشك ؛ و الدليل على عدم جواز صيام هذا اليوم ، قول عمار بن ياسر رضي الله عنه : " من صام اليوم الذي يُشك فيه ، فقد عصى أبا القاسم " رواه أبو داود ، و قد صح عنه صلّ الله عليه و سلم النهي عن صوم يوم الشك ، ففي " الصحيحين " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّ الله عليه و سلم قال : > .
و كذلك قوله صلّ الله عليه و سلم في الحديث المتقدم : > ، و هو واضح الدلالة على أن بدء الصوم معلق برؤية الهلال ، فإذا لم تحصل الرؤية ، لزم الناس أن يكملوا شعبان ثلاثين يوماً .
و لذا فإنه يُستحب للناس التماس هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان ، لكن لا يجب ذلك على كل مسلم ، بل هو فرض على الكفاية ، إذا فعله من يكفي ، سقط عن الباقي .
و خلاصة الأمر في هذه المسألة ، أن شهر رمضان إذا ثبت بأحد الطريقين المتقدمين ، وجب على الناس الصيام ، و إلا لم يجز الشروع في الصيام ؛ لعدم ثبوت دخول رمضان .
ثم إن الخروج من شهر رمضان يكون أيضًا بأحد الطريقين اللذَيْن تقدَّم الحديث عنهما ، غير أن ثبوت هلال شوال لا يثبت إلا برؤية شاهدين ، بخلاف ثبوت هلال رمضان ، فإنه يثبت برؤية شاهد واحد ، بالشروط المعتبرة في الشهادة . و قد علَّلوا الفرق بينهما ، بأن الخروج من العبادة يحتاط فيه أكثر مما يُحتاط في الدخول فيها .
بقي أن نذكر أن من المسائل التي كانت مجال أخذ و رد بين علماء الشريعة ، المتقدمين منهم و المتأخرين – مسألة ما لو ثبتت رؤية الهلال في بلد من بلاد المسلمين ، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية ؟ و للعلماء في هذه المسألة أقوال لا يتسع المقام لبسطها .
غير أن الراجح الذي تؤيده الأدلة النقلية و العقلية ، هو القول باختلاف المطالع ، و هو أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته ، و إذا لم تختلف فإنه يجب على من لم يره أن يوافق غيره ممن رآه و أن يعمل بمقتضى هذه الرؤية ، لقوله تعالى : {{ فمن شهد منكم الشهر }} (البقرة:185) ، و قوله صلّ الله عليه و سلم : > .
و من المعلوم أنه لا يراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده ، فيعمل به في المكان الذي رؤي فيه ، و في كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال ، و أما من كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال فإنه لم يره لا حقيقة و لا حكماً .
و من الأدلة النظرية أن التوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، و من المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، لأن البلاد تختلف في الإمساك و الإفطار اليومي فالذين في الشرق مثلاً يمسكون قبل الذين في الغرب ، و يفطرون قبلهم أيضاً ، فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فيجب أن نحكم باختلافها كذلك في التوقيت الشهري سواء بسواء .
هذا هو حاصل الكلام في هذه المسألة ، و الله تعالى أعلم .
عن موقع إسلام ويب
فريضة الصيام عبادة شرعها الله تعالى في وقت محدد من العام ، لا يجوز أداؤها في غيره ، الأمر الذي يحتم على المسلم معرفة الأحكام المتعلقة بدخول شهر الصوم و خروجه ، حتى يؤدي هذه العبادة على الوجه المطلوب .
و دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين :
الأول : رؤية هلال رمضان ، و دليل ذلك قوله تعالى في آية الصيام : {{ فمن شهد منكم الشهر فليصمه }} (البقرة:185) ، و قوله صلّ الله عليه و سلم : > متفق عليه .
فإذا رأى مسلم ، عاقل ، بالغ ، عدل ، موثوق بخبره و أمانته ، هلال رمضان فقد ثبت دخول الشهر ، و تعيَّن على الناس الشروع في صيامه .
الثاني : و يثبت دخول شهر رمضان أيضًا ، بتمام شعبان ثلاثين يوماً ، لأن غاية الشهر القمري أن يكون ثلاثين يوماً ، و لا يكون أكثر من ذلك ، و قد روى البخاري و مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلّ الله عليه و سلم : > يعني تسعة و عشرين يومًا ، أي أنه إما أن يكون ثلاثين أو تسعة و عشرين .
فإذا كمل شهر شعبان ثلاثين يومًا ، فمعنى ذلك أن شهر رمضان قد بدأ بلا خلاف ، و أيضًا فقد قال النبي صلّ الله عليه و سلم : > متفق عليه .
فإذا تحرى الناس الهلال و لم يروه ، فعليهم إتمام شعبان ثلاثين يوماً ، و لا يجوز - على الصحيح - صيام يوم الثلاثين على أنه من رمضان ، لعدم ثبوت دخول الشهر .
و هذا اليوم - يوم الثلاثين - يعرف بيوم الشك ؛ و الدليل على عدم جواز صيام هذا اليوم ، قول عمار بن ياسر رضي الله عنه : " من صام اليوم الذي يُشك فيه ، فقد عصى أبا القاسم " رواه أبو داود ، و قد صح عنه صلّ الله عليه و سلم النهي عن صوم يوم الشك ، ففي " الصحيحين " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّ الله عليه و سلم قال : > .
و كذلك قوله صلّ الله عليه و سلم في الحديث المتقدم : > ، و هو واضح الدلالة على أن بدء الصوم معلق برؤية الهلال ، فإذا لم تحصل الرؤية ، لزم الناس أن يكملوا شعبان ثلاثين يوماً .
و لذا فإنه يُستحب للناس التماس هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان ، لكن لا يجب ذلك على كل مسلم ، بل هو فرض على الكفاية ، إذا فعله من يكفي ، سقط عن الباقي .
و خلاصة الأمر في هذه المسألة ، أن شهر رمضان إذا ثبت بأحد الطريقين المتقدمين ، وجب على الناس الصيام ، و إلا لم يجز الشروع في الصيام ؛ لعدم ثبوت دخول رمضان .
ثم إن الخروج من شهر رمضان يكون أيضًا بأحد الطريقين اللذَيْن تقدَّم الحديث عنهما ، غير أن ثبوت هلال شوال لا يثبت إلا برؤية شاهدين ، بخلاف ثبوت هلال رمضان ، فإنه يثبت برؤية شاهد واحد ، بالشروط المعتبرة في الشهادة . و قد علَّلوا الفرق بينهما ، بأن الخروج من العبادة يحتاط فيه أكثر مما يُحتاط في الدخول فيها .
بقي أن نذكر أن من المسائل التي كانت مجال أخذ و رد بين علماء الشريعة ، المتقدمين منهم و المتأخرين – مسألة ما لو ثبتت رؤية الهلال في بلد من بلاد المسلمين ، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية ؟ و للعلماء في هذه المسألة أقوال لا يتسع المقام لبسطها .
غير أن الراجح الذي تؤيده الأدلة النقلية و العقلية ، هو القول باختلاف المطالع ، و هو أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته ، و إذا لم تختلف فإنه يجب على من لم يره أن يوافق غيره ممن رآه و أن يعمل بمقتضى هذه الرؤية ، لقوله تعالى : {{ فمن شهد منكم الشهر }} (البقرة:185) ، و قوله صلّ الله عليه و سلم : > .
و من المعلوم أنه لا يراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده ، فيعمل به في المكان الذي رؤي فيه ، و في كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال ، و أما من كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال فإنه لم يره لا حقيقة و لا حكماً .
و من الأدلة النظرية أن التوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، و من المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، لأن البلاد تختلف في الإمساك و الإفطار اليومي فالذين في الشرق مثلاً يمسكون قبل الذين في الغرب ، و يفطرون قبلهم أيضاً ، فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فيجب أن نحكم باختلافها كذلك في التوقيت الشهري سواء بسواء .
هذا هو حاصل الكلام في هذه المسألة ، و الله تعالى أعلم .
عن موقع إسلام ويب
عدل سابقا من قبل أم عمار في الثلاثاء يوليو 13, 2010 12:34 am عدل 1 مرات