ألقى التأهل المفاجئ لفريق سيسكا (او سيشكا) موسكو الروسي الى دور الثمانية لكأس الابطال الاوروبي مزيدا من الاضواء على الواقع "الجميل" الذي تعيشه الكرة الروسية حاليا، بل والامة الروسية بأكملها نتيجة نجاعة سياسة التحول المالي الى النظام الرأسمالي "الخجول"، فليس صعود سيسكا (فريق الجيش السوفييتي الاسبق) شيئا مفاجئاً لمن يتابع جيدا كرة القدم الروسية، خاصة ان صعودها الى كأس الامم الاوروبية الماضية جاء على حساب المنتخب الانجليزي القوي، بيد انها فشلت في الصعود لكأس العالم امام قوة الالمان.
سسكا واسمه الكامل "نادي المحترفين للرياضات المركزية للجيش"، لكنه لا ينتمي قلبا او قالبا للمؤسسة العسكرية بل هو ناد للمحترفين يعمل بأسلوب الشركات المساهمة ويمتلك أسهمه في البورصة افراد مساهمون عاديون ولا يموله الجيش بأي حال من الاحوال، انما وزارة الدفاع الروسية هي احدى المساهمين فيه، لكنه ليس كالاندية الاخرى، فليس له مالك انما رئيس مجلس ادارة يتم انتخابه كل 3 اعوام، ونظام الاشتراك فيه مثل نادي برشلونة الاسباني تماما، اي ان الاعضاء يدفعون شهريا والمبلغ الشهري القادم الى حسابات النادي يبلغ ما يعادل 20 مليون يورو، اي قريبا جدا من دخل برشلونة الشهري (25 مليون يورو)، والسبب يعود الى قائمة المشجعين التي تدفع شهريا وتضم اشهر نجوم السياسة والمجتمع من ممثلين او رجال اعمال اغنياء، ويكفي ان بوريس بيروزفسكي رجل الاعمال المليادير الهارب الى بريطانيا مشجع متحمس لهذا النادي ويتبرع له شهريا بعائدات يكسبها من احد كازينوهاته الشهيرة في قلب موسكو، اما المليادير الروسي الاخر ميخائيل خودوروفسكي المدير الاسبق لشركة "يوكوس" العملاقة للنفط، والذي يوصف بانه أبرع "مهندس نفط" ولدته الاراضي السوفييتية بأكملها والمحكوم عليه بالسجن سبع سنوات بسبب التهرب الضريبي فهو احد الاعضاء المعروفين جدا لهذا النادي، وهو يتبرع ايضا براتب اسبوع كامل من مكافآته المتعددة من الشركات التي ما زال يعمل فيها (رغم سجنه)، ولا نندهش اذا علمنا ان راتب الرجل حتى وهو في السجن يقترب من نصف مليون دولار اسبوعيا لانه موهوب فعلا، فهو "يشم" رائحة النفط ويكتشفه أفضل من اية أجهزة حديثة في أي مكان يذهب اليه للكشف عن الخام الاسود حتى لو كان المكان صحراء قاحلة.. والوحيد الذي لا يشجع سيسكا من مليارديرات موسكو هو رومان أبراموفيتش الذي يمتلك نادي تشلسي اللندني، والسبب انه من عائلة عمالية اصلا تربت على تشجيع دينامو موسكو، فريق العمال السابق، والمنافس الاساسي لسيسكا في العاصمة، لكنه ليس غنيا مثله.
ويمتاز سيسكا بأنه يعطي رواتب كبيرة للاعبيه، خاصة الاجانب، الى درجة تصل الى ان اجانبه يتقاضون بداية من عشرة آلاف يورو شهريا حتى ثلاثين الفا، ومعروف ان قانون العمل في روسيا يعفي الاجانب من دفع بعض الضرائب لاجتذاب اليد العاملة من الخارج، كما ان روسيا تتعامل باليورو الى جانب الروبل وهي عملة البلاد الاساسية، حيث ان روسيا ليست من الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي، والتعامل بالدولار يكون في اضيق الحدود، ويفضل لاعبون اجانب كثر خاصة من الشباب القدوم الى روسيا للعب مع سيسكا بعد التطورات الايجابية التي شهدتها البلاد خلال العشرين سنة الاخيرة.
ويملك سيسكا ملعب لوجني العملاق، وهو الملعب الوطني للبلاد ويتسع لثمانين ألف مشاهد، وسبق ان استضاف نهائي دوري أبطال اوروبا عام 2008 بين مانشستر يونايتد و تشلسي الانجليزيين، كما يملك ملعبا آخر يخوض عليه مبارياته غير الكبيرة في الدوري، واسمه ملعب خيمكي (سعته 18 الف متفرج)، لكنه يلعب المباريات الجماهيرية الهامة في ملعب لوجني العملاق بناء على التعليمات الامنية الصارمة، خوفا من الشغب الذي تشتهر به مباريات الدربي مع دينامو ومع بقية فرق العاصمة.