إنّ رمضان مدرسة متميّزة يفتحها
الإسلام كلّ عام للتربية العملية على أعظم القيم وأرفع المعاني فمَن
اغتنمها وتعرّض لنفحات ربّه فيها فأحسن الصيام كما أمره الله ثمّ أحسن
القيام كما شرعه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فقد نجح في الامتحان وخرج من
هذا الموسم العظيم رابح التجارة مبارك الصفقة، وأيُّ ربح أعظم من نوال
المغفرة والعتق من النّار.
وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن رمضان: ''... وهو شهر أوّله رحمة
وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النّار...'' رواه ابن خزيمة في صحيحه. وإنّنا في
وسط شهر رمضان في أيّام المغفرة والرّضوان والفوز بغُرفات الجِنان وفي
أيّام غفران الذنوب ومحو السيئات، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ
صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما
تقدّم مِن ذنبه...'' رواه النسائي.
والصيام عبادة عرفت في الأمم السّابقة وعرفته الديانات السّابقة، عرفه
سيّدنا داود عليه السّلام، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''أحبُّ
الصّلاة إلى الله صلاة داود وأحبُّ الصيام إلى الله صيام داود كان ينام نصف
الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يومًا ويفطر يومًا'' متفق عليه. وعرفه
سيّدنا يوسف عليه السّلام فقد روي أنّه سُئِل: لماذا تصوم وقد جعلك الله
على خزائن الأرض؟ فقال: أخاف أن أشبع فأنْسَى الجائع. وعرفه سيّدنا يونس
عليه السّلام وسيّدنا عيسى عليهما السّلام، فقد روي عنه أنّه صام أربعون
يومًا في البرية، وعرفته الكنائس الشّرقية والغربية وإن اختلَفت في كيفية
تطبيقه.
عرفت الديانات السّابقة الصيام تكفيرًا للذنوب وتطهيرًا للنُّفوس فإذا نزل
بهم مكروه لجأوا إلى الله بالصيام ليرفع عنهم البلاء. والصوم المفروض على
الأمّة الإسلامية له حدود، عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه عن النّبيّ
صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن صام رمضان وعَرَف حدوده وتحفّظ ممّا ينبغي
له أن يتحفّظ كفّر ما قبله'' رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه.
فالصيام ليس كما يفهمه الكثير من النّاس امتناعًا عن شهوتي البطن والفرج
فقط. لا، إنّ له حدودًا، فظلم النّاس وأكل أموالهم بالباطل وعقوق الوالدين
وقطع الرحم وإيذاء الجار والكذب وشهادة الزور والغيبة والنميمة وما شاكل
ذلك من اقتراف السيئات وفعل المنكر تجعل الصيام مردودًا على صاحبه، لذَا
يطلب من المسلم أن يغتنم شهر المغفرة حتّى يشمله عفو الله ورحمته.
والصيام هو حملة تطهير للنّفوس والقلوب وهو مرحلة ارتقاء بالمجتمعات إلى
مراتب الكمال، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''الصوم جُنّة'' أي وقاية وحفظ من
الرذائل والموبقات. فينبغي للعاقل أن يقف عند هذه المعاني والهدايات
الربّانية حتّى يحقّق معنى الآية الكريمة: {يا أيُّها الّذين آمَنوا كُتِب
عليكُم الصيام كما كُتِب على الّذين مِن قبلِكُم لعلّكم تتّقون} البقرة:
.183
* مفتش التوجيه الديني والتعليم القرآني
إمام بمسجد الإمام الشافعي بعين تموشنت
الإسلام كلّ عام للتربية العملية على أعظم القيم وأرفع المعاني فمَن
اغتنمها وتعرّض لنفحات ربّه فيها فأحسن الصيام كما أمره الله ثمّ أحسن
القيام كما شرعه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم فقد نجح في الامتحان وخرج من
هذا الموسم العظيم رابح التجارة مبارك الصفقة، وأيُّ ربح أعظم من نوال
المغفرة والعتق من النّار.
وقد قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن رمضان: ''... وهو شهر أوّله رحمة
وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النّار...'' رواه ابن خزيمة في صحيحه. وإنّنا في
وسط شهر رمضان في أيّام المغفرة والرّضوان والفوز بغُرفات الجِنان وفي
أيّام غفران الذنوب ومحو السيئات، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ
صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما
تقدّم مِن ذنبه...'' رواه النسائي.
والصيام عبادة عرفت في الأمم السّابقة وعرفته الديانات السّابقة، عرفه
سيّدنا داود عليه السّلام، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ''أحبُّ
الصّلاة إلى الله صلاة داود وأحبُّ الصيام إلى الله صيام داود كان ينام نصف
الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يومًا ويفطر يومًا'' متفق عليه. وعرفه
سيّدنا يوسف عليه السّلام فقد روي أنّه سُئِل: لماذا تصوم وقد جعلك الله
على خزائن الأرض؟ فقال: أخاف أن أشبع فأنْسَى الجائع. وعرفه سيّدنا يونس
عليه السّلام وسيّدنا عيسى عليهما السّلام، فقد روي عنه أنّه صام أربعون
يومًا في البرية، وعرفته الكنائس الشّرقية والغربية وإن اختلَفت في كيفية
تطبيقه.
عرفت الديانات السّابقة الصيام تكفيرًا للذنوب وتطهيرًا للنُّفوس فإذا نزل
بهم مكروه لجأوا إلى الله بالصيام ليرفع عنهم البلاء. والصوم المفروض على
الأمّة الإسلامية له حدود، عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه عن النّبيّ
صلّى الله عليه وسلّم قال: ''مَن صام رمضان وعَرَف حدوده وتحفّظ ممّا ينبغي
له أن يتحفّظ كفّر ما قبله'' رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه.
فالصيام ليس كما يفهمه الكثير من النّاس امتناعًا عن شهوتي البطن والفرج
فقط. لا، إنّ له حدودًا، فظلم النّاس وأكل أموالهم بالباطل وعقوق الوالدين
وقطع الرحم وإيذاء الجار والكذب وشهادة الزور والغيبة والنميمة وما شاكل
ذلك من اقتراف السيئات وفعل المنكر تجعل الصيام مردودًا على صاحبه، لذَا
يطلب من المسلم أن يغتنم شهر المغفرة حتّى يشمله عفو الله ورحمته.
والصيام هو حملة تطهير للنّفوس والقلوب وهو مرحلة ارتقاء بالمجتمعات إلى
مراتب الكمال، قال صلّى الله عليه وسلّم: ''الصوم جُنّة'' أي وقاية وحفظ من
الرذائل والموبقات. فينبغي للعاقل أن يقف عند هذه المعاني والهدايات
الربّانية حتّى يحقّق معنى الآية الكريمة: {يا أيُّها الّذين آمَنوا كُتِب
عليكُم الصيام كما كُتِب على الّذين مِن قبلِكُم لعلّكم تتّقون} البقرة:
.183
* مفتش التوجيه الديني والتعليم القرآني
إمام بمسجد الإمام الشافعي بعين تموشنت
